كان يا ما كان، مش زمان كتير، قبل سنة تقريباً، نجحت في الباطني :D
*طيب؟ وات ايفر؟ شو بهمني؟ مش وقت أفراح!
*بشويش عليّ، خليني أفهمك!

الباطني هو عبارة عن روتيشن 12 ساعة دراسية، كل ساعة دراسية حقها 150 دينار يعني هيك بالمجمل بس 1800 دينار *من طرف الجيبة*، بندرسها على مدى 3 أشهر بنداومهم بالمستشفيات وبتم تقييمنا من خلال امتحان عملي وامتحان نظري في نهاية السنة، واللي ما بنجح ببساطة بعيد ال3 أشهر وبدفع كمان مرة *تباً كبيرة جداً*، آه وتجدر الإشارة بإنو هاي المادة بحمد الله أكبر من الأراضي اللي سيطرت عليها داعش، وتحتاج انو الواحد يكون نَحِّيت وصبور وبحبها، والحمدلله أنا لا رزقت حبها ولا عندي صبر عاللي ما بحبه. بس وين مربط الفرس؟ انو كان عندي اشيين بستعين فيهم على ثقلة دم المادة ودراستها الإجبارية: أولهم الدعاء، وثانيهم تدوينة! تدوينة o.O؟ آه، تدوينة "يوميات الباطنة"، هاي التدوينة قرأتها في كل مرة وصل معي الاكتئاب والضيق إلى حد التساؤل عن أكثر الأمور بداهة أو تعقيداً، زي: ليش أنا هون بالتحديد؟ ليش أدرس كل هاد والجو حلو برا؟ كيف ممكن أتفاعل مع سماجة ما أقرأ؟ كيف أحبك يا بنت اللذينا؟ كيف ممكن تحلّي عني بأيسر السبل وأقل الخسائر؟ كيف، ساعدني يا رب؟

قرأتها خلال الروتيشن وقبل التقييم وأيام التحضير للامتحان، قرأتها أكتر من ستين أو سبعين مرة. كانت عبارة عن مخدر مؤقت لحتى انتهاء نوبة الصراع الوجودي أو حتى مواساة وتضامن مع حالتنا الإنسانية بانو والله في ناس بتعاني زينا وهيهم عايشين، حتى في ناس بتعاني أكتر وعادي هيها عدت، عادي جداً.
المهم، كان في كتير تفاصيل مش بصدد ذكرها بس النتيجة إني نجحت بالباطني، الباطني السمج! أكيد أحمد جمال سعدالدين لما كتب التدوينة واللي هي عبارة عن توثيق لجزء من حياة طالب طب بائس وتفاصيل حياتية عادية بطريقة غير عادية ما كان بعرف انو رح يكون إلها الفضل بعد ربنا ودعوات أمي في نجاحي.

اللي بدي أوصلله من كل اللتّ والعجن السابق بإنو لو كنت ب"تحب" تكتب اكتب، دوَّن، وانشر، انشر لأكبر عدد من الناس! آه، مش عشان يصير اسمك الكاتب ولا الناشط ولا المدون، بس عشان في شخص ما في مكان ما، ما بتعرفه، كلمتك رح يكون إلها أثر بحياته. أنا من ضمن  الناس اللي مرت بفترة زمنية طويلة من الشعور بعدم الجدوى، عدم الجدوى من نشر ما أكتب، الشعور بانو شو خص الناس تعرف شو صار أو شو بفكر، أو شو بدهم يستفيدوا أو فوبيا الإخلاص والنية أو أو أو! ما كنت بعيد على نفسي قصتي مع التدوينة وانو لو فكر كاتبها بنفس الطريقة ما كان عندي فسحة الأمل اللي خلقها في كل مرة كنت بقرأها فيها.

بعد صراع طويل جداً ونقاشات مع أصدقاء مختلفين عن هذا الأمر، فأنا قررت أنني سأظل أكتب بأكبر قدر من الشغف وسأنشر بذات الشعور آملة بانو يكون اللي بكتبه يستحق ويصنع أثراً.
وتوصية من القلب، بإنو يا أصدقاء، مهما حصل ومهما كان اليأس أقرب للنفس، احترفوا نشر القيم والجمال في عالم احترف الشر والبشاعة، اتساع بقعة الجمال على هذا الكوكب مهمتنا احنا :)