2015/02/02

شارلي

بعد بحث بسيط على عمنا جوجل واستخدام بعض العمليات الحسابية البسيطة, نجد بأن متوسط عدد النسخ التي كانت تنشرها صحيفة شارلي ايبدو Charlie Hebdo هو 45000 نسخة أسبوعياً, يعني تقريباً نصف عدد النسخ التي تطبعها جريدة القدس يومياً, وبعدد يساوي ما نسبته 7% من مجموع النسخ التي تطبعها جريدة القدس أسبوعياً! جريدة القدس التي تُنشر في دولة لا يوجد لها اسم على الخارطة, مقارنة بشارلي التي تُنشر في فرنسا, بعدد سكان فرنسا الذين يفوقون عدد سكان فلسطين الفلسطينيين ب 60 مليون نسمة! يعني إذا كان هناك شخص واحد من 60 فلسطيني تصله جريدة القدس يومياً يعني تصله سبعة أيام في الأسبوع, فإن شخص واحد فقط من 1400 فرنسي تصله جريدة شارلي البائسة يوم في الأسبوع! طيب بالمقارنة مع الصحف الفرنسية حتى, شارلي ليست ضمن العشر الأولى من حيث عدد النسخ والنشر في فرنسا, وفي تصنيف موقع allyoucanread ليست ضمن العشرين الأكثر شهرة من الصحف والمواقع الاخبارية الفرنسية.

النتيجة بأن شارلي هذه, تبدُو مثل طفل صغير غبي إلى حدٍ ما, رغم مكره, وُلد في عائلة مليئة بالأطفال الأذكياء, لا أحد ينظر إليه, تبدأ الغيرة تشتعل في صدره فيقرر تمزيق ورق الجدارن الذي كلّف والدته المجدّة أشهر من العمل في محل لبيع العطور, للفت الانتباه بدلاً من هذا الشقاء الذي يعيش فيه منزوياً, يمزقه أو يمزقه أخوه الحقود ويلقي باللائمة عليه, لا فرق,  لتلتفت إليه أمه وتصيح فيه وتضربه حتى يفقد بعض أسنانه, فتأتي الشرطة وتعتقل والدته وتكتب عن الحادثة وتنشر عنها التقارير أشهر الصحف والقنوات الإخبارية. الحاصل بأن هذا الطفل تتبناه ميركل والملكة رانيا ونتنياهو وأبو مازن وأوغلو حتى ويغدقون عليه النعم والخيرات والمسرات كطفلهم المدلل الوحيد.

أراهن بأنّ مدير تحرير الصحيفة الذي قُتل ضمن الهجوم القريب لم يكن يجرؤ في سابع أحلامه حتى أن يفكر ببيع هذا العدد من النسخ بهذا العدد من اللغات من عدده الأسبوعي لصحيفته البائسة, التي توقفت عن النشر لمدة عشر أعوام في السابق والتي تعرضت لهجوم قبل أربع سنوات, المهمّ أنه وهو على حافة انتشائه أراه في عالم موازٍ يضع كفه على رزمة من النسخ وكفه الأخرى تحكّ ذقنه مفكّراً بالفرنسية طبعاً: "لو إنّي جبت ثلاث أربعة من الشباب, دفعتلهم كم يورو, وخليتهم يسطوا على المقرّ, يحرقوه, يشلّوا اللي فيه من زمان, من زمان أوي, كان صرت هلا بمكان تاني خالص, غير هالتابوت فيما يستمتع بشهرة صحيفتي آخرون!"