2013/12/15

مفترق


.......................

لم يكن يعلم أَن الأبديةَ التي اتفقا أن يبقيا معاً حتى يبلغاها قريبةً جداً، وأنّه سيحيا بعدَها سنيَّاً من العمر، كَان يظنُّ أنَّها أبْعدُ من أن يصِل إليها نَضِر الوجه لم تصرعه الحياةُ ولم تهزمه، هَزَمه اعتقادُه. اتّفقا على أعتَاب أبديّتهما أَنْ يظلّا بخير، لَم يكونَا كذلك، لَم يستطِيعا أن يكونَا كذلك، لكنّهما إلى اليوم يتوجّب عليهِما أن يتظاهرَا أنّهما بأَفضل حال، عَلى الأقل أفضل من ذي قبل..

يفكّر,أهِي شهوة ُالانتصار وألّا نُكسَر، حتى لو كُسِرْنا!
يَسِير في طريقهما وحيداً متعمّداً السّيرَ لا وحدَتَه، ينفُث في نار صدرِه عارِفاً أنّه يشعِلُهَا، مُتيقّناً بأَنّها تُحرِقه، مُدّعياً بأنّه صُدفة كان هنا أو خطأً في التوقيت أو مُبالغةً مِنه يقول بأنّه لم يشعر بشيء.

هو لا تقتله البرودة، هو يقتله التملق!

كان يبتلع الشتائم مفتخراً مقهقهاً قبل سنتين من الآن، يبتلع الآن في المقابل حبات دواء الضغط كلّما أخبره بأنّه "زمان عنه" ونقطة.
كان يشتاق إليه، لم يكن يخبره، لم يكن مضطراً لفعل ذلك إذا كان بإمكانه رؤيته من جديد والتّحدث عن كل ما يخطر في البال دفعة واحدة دون الاعتناء بأناقة الألفاظ. وبين كل حكاية وأخرى كان يهيل عليه عبارات مفادُها بأنه من نوعٍ آخر غير الإنسان وأنّه لا يدري كيف استطاع أن يتّخذه صديقاً إلى الآن، آنه في تلك اللحظة. كانا مجنونين فرحين بذلك! فرحين بعفوية التّصرّف والكلام، لا تضيرهما مشادّة المساء إذا كانت قهوة الصباح ستُعيد الأمور إلى ما كانت عليه، إلى ما هي عليه أساساً رغم المشادّة..

الآن هم أعقل الحزانى، بصمت!
هو كان يعلم بأن الوداد أصل في الفؤاد لا يعجزه إظهاره، فكان يستأنس بشتمه بعفويته بمشادة مسائه!
وهو يعلم الآن بأنّ البرودة أصل في الفؤاد، يتعنّى في إخفائه تملقاً وشوقاً بلاستيكياً لا يتجاوز اللسان.

كل الذي يريد أن يعرفه، ما الذي أوصلهما هنا,
المهم أنه ليس صدفة وليس خطأ في التوقيت!


نور / 15-12-2013