ومضيتُ أبحثُ عن أشلاء ذاتي في شعثِ الرّاحلين ،
أقلّبُ حُطامَ الذّاكرة فِي أحضانِ رُكام الأحجار !
أدوسُ تَاريخاً مُزيّفاً
اصطنعه الدّخيلون واستبدلوه بالأصيل ،
عَجنوا الرّبيع الذي يتهادَى عَلى قَريتِي
باسمهم ووضعوا تُربها فِي جيوبهم ..
كُنت أَجُرّ شَال الحُزن الذي حَملته جَدتِي ذات نَكبة ،
ومفتاح جَدي الذِي ما
فارق جيبه إلا عندما ألبسوه الكَفن ،
واصطحبت وإياي ذَاكِرةً مَا غفلت يوماً عن
أرضٍ سكنت داخل حناياي عِشقاً ،
وتربّعت حُباً في ثنايا القلب ، كَيف لا وهِي
الجَنّة هَبطت عَلى أرضنا ،
بحسنها وجمالها ، بثوبها الأخضر الذي خِيطَ كما الثّوب
الفلسطيني
وتَبرقش بـ زهر اللوز والزيتون ،!
بـ المَاء ينسابُ زُلالاً من بَين
أضلعِها كَمَا النّدى ، كَما الطّهر .!
والترب
تحت أرجلنا كأنه يصافح الأقدام متهللاً ،
يعانِق القادمين منتشياً كَأن فِي فمه
كَلمات شوق وفي نبضه حنيناً للأيام التي
سبقت 6 عقودٍ عَلى اغتيال فَرحه وهويته ،
وامتزاجه بـ دماء أبنائه فِي أيام غدر!
والنّسيم
العليل المعبّق بـ رائحة الأرض ينساب إلى بقعة فِي الفؤاد تَمايلت بهجةً
عَلى
أنغام الوطن ، يُفرِغُ الرّئتين من آثامِ اليَأسِ الذي عَبّأها المحتـل
ويَملَؤها
بـ هَـواءٍ فِلسطيني خَصب يَنبت منه أزهار الأمل (:
حَمـلنا
الهواء فِي رئتينا ومضينا تاركين النسيم يداعب شقائق النعمان على أرض لفتا ،
والمَاء العذب يحيي زهر اللوز ،
والبيوت تنعى أيامها البيضاء ،
تركنا أرواحنا
معلقةً عَلى أزقةِ القرية وقلوبنا مشكاةً تضيء درب العائدين ،
وفي الجَوفِ كَلماتٌ
وأشياء كَثيرة أخرسها أننا نُفينا من الجنة كَمـا آدم
لكن العودة إليها سـ تكون
حَتماً عَلى بِساطٍ من الفَخر والفِداء ، ولَن نبخل !
فيـا
لفتـا استبشري ، إنا لصدرك الدّروع (:
الصورة: التقطتها حين زيارة قرية لفتا منذ عام | والكلمات خُطّت ألماً بعد الزيارة
لفتا: قرية مقدسية هجرت عام 1948 والآن يتم إقامة مشروع فيلات للترفيه عليها!